-->

مجالات الأدب الإسلامي

 

واستعمالاتها المتباينة التي لو أنعمنا النظر فيها لوجدنا استعمالاتها في القديم تعنی : الأخلاق الكريمة ، والتهذيب ، والدعوة إلى الطعام ، والاقتداء بالأوائل في محامدهم ومعارفهم ، ومآثرهم ، والتمسك بالموروث الإنساني ، وكذلك العجب يدخل في إطار لفظ ( الأدب ) بمفهومه التعبيري الذي نعرفه اليوم ، وإن جاء الأدب ملتزما برسالته الإنسانية

 

وتأتي المعاجم اللغوية هي الأخرى مؤكدة وجود صوت وصدى لكلمة ( أدب ) بمادتها واستعمالاتها سواء في الآثار الجاهلية أو الإسلامية . حيث يقول الفيومي في مصباحه أدبته أدبة من باب الضرب : علمته رياضة النفس ومحاسن الأخلاق ) . وقال صاحب اللسان : الأدب الذي يتأدب به الأديب من الناس ، می أدبة لأنه يأدب الناس إلى المحامد ، وينهاهم عن المقابح . والأدب : أدب النفس والدرس ، والأدب : الظرف وحسن التناول . وأدب بالضم ، فهو أديب من قوم أدباء . وأدبه فتأدب : علمه . ويأتي دوران لفظ ( أدب ) في مواضع أخرى كثيرة غير ما سبق ، دلالة على المعنى التعليمي ، على نحو ما جاء في قول النبي -صلى الله عليه وسلم - : " أدبني ربي فأحسن تأديبي

 

" الآداب عشرة : ثلاثة شهر جانية ، وثلاثة أنو شروانية ، وثلاثة عربية ، وواحدة أربت عليهن

فأما الشهر جانية التي هي نسبة إلى الشهاريج ، أو الشهارجة ، وهم أشراف الفرس : فضرب العود ، ولعب الشطرنج ، ولعب الصوالج . وأما الأنوشروانية : التي هي نسبة إلى كسرى أنوشروان ملك الفرس : فالطب ، والهندسة ، والفروسية وأما العربية : فالشعر ، والنسب ، وأيام الناس . وأما الواحدة التي أربت عليهن ، فمقطعات الحديث و السمر ، وما يتلقاه الناس بينهم في المجالس

* والأدب الإسلامي

أدب أولا ، وقبل كل شيء ، ينبغي أن يلتزم بالحد الأدنى من متطلبات العمل الأدبي وشروطه . التي قدمناها بايجاز أنفأ شأنه شأن أي أدب آخر ليتسنى له الدخول إلى حلبة الآداب ثم تأتي بعد ذلك صفة أخرى تفرده وتميزه ، هي صفة " الإسلامية " ، وأقصد بها التصور الإسلامي ، لاسيما وأن للإسلام تصور متفرد متميز ، معين للحياة ، تنبثق عنه قيم خاصة لهذه الحياة

الأدب الإسلامي (المصطلح النشأة)

أن الأدب الصالح لهذا الوجود ، هو الأدب الذي يغرف مبدعه من بحر هذه العقيدة الخالدة الخاتمة الجادة الخالقة المنشئة  عقيدة التوحيد الإسلام التي جاءت الدنيا لتملأ فراغ الإنسانية والحياة وتستنفذ الطاقة البشرية في الشعور والعمل النافع ، وفي الوجدان والحركة وإثبات الذات ، فلا تبقى فيها فراغأ للقلق والحيرة ، ولا للهرولة خلف منافع مادية عابثة ، ولا للتأمل الضائع الذي لا ينشئ سوى التصورات والتأملات الزائفة ، البعيدة عن التعبير الموحي عن القيم الإنسانية الحية التي ينفعل بها ضمير الأديب قبل المتلقي ، المنبثقة من تصور إسلامي الحياة تقوم على علاقات حميمة بين الإنسان والكون ، وبين الإنسان وأخيه الإنسان وتؤكد الصلة بين الخالق والمخلوق ، أو بين مفردات هذا الوجود ، وإن اختلفت هذه القيم من نفس إلى نفس ومن عصر إلى عصر وبين بيئة إلى بيئة

والأدب الإسلامي أدب عالمي لأنه أدب إنساني بمقدار ما في الإسلام من قيم إنسانية ، فالإسلام يكرم الإنسان أيا كان ، ولا يكرم الإنسان المسلم وحده ، والله تعالى هو القائل في محكم كتابه : ( ولقد كرمنا بني آدم ) والقائل عز من قائل : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم

 

 

الأدب الإسلامي يفرض نفسه في مظاهر عديدة ، حيث ظهرت أسماء كثيرة من المبدعين التزمت بالرؤية الإسلامية في الشعر والقصة والمسرحية وفي مجال النقد أيضا والدرس الأكاديمي

معالم الأدب الإسلامي

 سيظل الأدب الهاتف السامي الإنساني ، هو الأدب الذي يلتقي مع عناصر الفطرة السليمة ، الأدب الذي ينطلق من فطرة الله التي فطر الناس عليها ، حيث الإيمان الذي غرسه الله سبحانه وتعالى في نفس كل إنسان ، " الأدب النقي الطاهر ، الأدب الواعي العالم ، الأدب الذي يعيش مع الإنسان وواقعه ، الأدب الذي له نهجه وأهدافه ، الأدب الذي يتميز بخصائص مشرقة جلية

-إنه الأدب الإسلامي .. الذي هو أدب الإنسانية ، بل أدب الحياه ، بل أدب الكون-

-إنه الأدب الإسلامي .. الذي هو ثمرة من ثمرات الإيمان ، وعطاء إلهي من عطاء الفطرة السوية السليمة ، ونبع صاف من ينابيع الرؤى الإسلامية العذبة الصافية ، وفريد الإبداع الإنساني ، و أرقی عطاءاته الوجدانية .

 

 من هذه المنطلق للأدب الإسلامي ، تحتم على مبدعة :

 - أن يكون أدبيا مسلما ، ملتزما بعقيدته الصحيحة ، إيمانأ ، وعلماء وممارسة ، وسلوكا

 - أن يكون ذا موهبة مؤمنة يرعاها الإيمان الحق ، وتحرسها العقيدة السديدة وتدفعها إلى العطاء الإنساني المبدع

- أن يقتحم ميادين هذا الأدب ، معلنا في إبداعه عن عقيدته السمحاء ، وعن سمو إبداعها ومعالمه ، وطهره وصفائه ، ورحابه آفاقه ، وأصالة غراسة

وللأدب الإسلامي معالم إيمانية مشرقة

يمتاز بها عما سواه من إبداع إنساني خارج عن دائرته النورانية وكل هذه المعالم ، وتلك الخصائص مأخوذة من ميادين الإسلام الوسطى الحنيف ، قائمة على أسس واضحة نقية وضيئة ، متشبعة بهدي القرآن الكريم ، ذلك الكتاب الذي تنزل على سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم- ليضع أسمى وأعظم صورة للأدب في تاريخ البشرية كلها ، وذلك في تازر وتلاحم وانسجام مع أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم- التي رسمت للأدب خطه المستقيم ، ونهجه القويم ، وبيانه الذي عجز عنه فحول العرب وأرباب البيان .

 من هذه المعالم أو الخصائص :

-أدب عقدي خلقي

أن القيم الخلقية هي أغلى وأجمل ما في المجتمع العقائدي ، بل هي أجمل وأندر ما في الحياة كلها والوجود جميعه ، من هنا وجب على الأديب المسلم أن يبرز هذه القيم العقدية والخلقية السائدة في مجتمعه المؤمن ، والمنبثقة من الإسلام ، فيحبب الإيمان ويدعو إلى صحة المعتقد ، ووجوب سريان هذه القيم في منسربات الحياة ، ويعمل على ترسيخها وتثبيت دعائمها ، والإشارة بها في أدبه وعمله الفني ، وأن يتحاشی زعزعتها ، وتقويضها وأن ينفر- كذلك . ويبغض فيما هو بضدها ، ومناقض لها .

إن هذه القيم العقدية والخلقية التي يراد للأديب المسلم أن يلتزم بها ، ويثبت دعامتها ، ويرفع ألويتها ، فيدفع بأدبه.فإذا اتخذها الأديب طريقا ونهجا الإبداعه ، أخفق وأشقي غيرة ، وتوارى عن دائرة الإبداع الفني الملزم . الذي يتضمن خصائص التصور الإسلامي.

-أدب واقعي إيجابي

الواقعية الحقة هي  التي يقوم فيها التصور الإسلامي للإيداع الذي ينسب للإسلام على ما يعرف في دائرة الإبداع الإسلامي بالإيجابية والواقعية

والمقصود بالإيجابية في التصور الإسلامي ، فعالية الإنسان في الكون ، فالمؤمن بهذا الدين ما يكاد الإيمان يستقر في ضميره حتى يحس أنه قوة فاعلة مؤثرة في ذاته . وفي الكون من حوله

 . أما الواقعية فتعني في التصور الإسلامي التعامل مع الحقائق الموضوعية ذات الوجود الحقيقي المتيقن ، لامع تصورات عقلية مجردة ،ولامع مثاليات لا مقابل لها في عالم الواقع ، أو لا وجود لها في عالم الواقع ، يتعامل مع الحقيقة الإلهية متمثلة في آثارها الإيجابية ، وفاعليتها الواقعية ، ويتعامل مع الحقيقة الكونية متمثلة في مشاهدها المحسوسة المؤثرة والمتأثرة . ويتعامل مع الحقيقة الإنسانية متمثلة في الناس كما هم في الواقع ، وهو ما أبدع فيه الأدب الإسلامي

-أدب أجيال متطور

إنه أدب تتواصل الأجيال المسلمة لديمومة وجوده ، فهو أدب أمة ممتد لدعوة خاتمة ، لجيل رباه القرآن وأديته السنة المطهرة ، ودفعه الإيمان الراسخ ، لذا لم يكن أدب فرد معزول ، أو عصر مجهول ، أو مكان محصور . بل هو أدب نام متطور ، أدب ينمو في قوته وامتداده . ينمو في أسلوبه وأداته ، ينمو في موضوعاته وميادينه . ولكنه مع نموه يظل يحتفظ بخصائصه الإيمانية كلها ، لتكون سببا من أسباب نموه ، ومصدرة من مصادر حياته وعطانه

-أدب هادف جاد

إن الأدب الإسلامي له هدف وغاية مقصودة من ورائه ، وهذه حقيقة منبثقة عن حقيقة إسلامية كبيرة هي : أن الفرد المسلم ينزه نفسه عن أن يحدث عملا ما من الأعمال ، أو يقول قولا ما من الأقوال ليس من ورائه غاية جادة ، أو هدف ، أو رسالة ، أو أن يتلفظ بلفظ دون أن ينظر مسبقا إلى عواقبه ونتائجه ، ومدى العائد عليه منه ، أو هو عائد على الآخرين

-أدب ملتزم

 ولعل أولى معالم الأدب الإسلامي وأسمى خصائصه أنه أدب ملتزم ، ذلك أن الالتزام - باتفاق كثير من منظري الأدب الإسلامي ) - هو الخاصية الجوهرية للأدب الإسلامي . ونحن حينما نتحدث عن الالتزام نعي وعيا تاما أن هذه الكلمة تنصب في الدرجة الأولى على التصور الإسلامي بمقوماته وخصائصه ، حيث الالتزام العقدي والخلقي ، والغائية والجدية ، وهما تحصيل حاصل بعد تقرير ححقيقة الالتزام العقدي والوجودي التي هي جماع معالم وخصائص وسمات الأدب الإسلامي

مجالات الأدب الإسلامي

وهو مفهوم الأدب الإسلامي من إنه : " التعبير عن الكون والحياة والإنسان من خلال تصور الإسلام للكون والحياة والإنسان " ، وهذا كلام حق ، لأن مجالات الإبداع والابتكار في الأدب الإسلامي . ذلكم التعبير الفني الجميل ، الملتزم بفنية الفن الذي ينطلق من خلاله ( قصة ، أو رواية ، أو مسرحية ، أو مقالة ، أو قضية ) بتعبير عن رؤية إسلامية للكون ( ۱ ) " ، ستظل واسعة فسيحة جدا بأكثر مما يتخيل متخيل في أي لون من ألوان الأداب الأخرى

 وذلك أن الإسلام يوسع رقعة الحياة ليشمل ما بين السماوات والأرض ، وما بين الدنيا والآخرة ، وما بين الإنسان والكائنات جميعها .فالعالم بأكمله أمام الأديب المسلم يحتاج منه ما شاء ، الفيصل في ذلك هو التصور الإسلامي للموضوع المراد التعبير عنه ، كائنا ما كان موضوعه الذي يعالجه شريطة ألا يبلبل التصور الإسلامي

 

 

 

أي الأديب المسلم أن يسلك ما سلكه شعراء العربية في القديم مما أشارت إليه كتب التراث العربي ، من أن الشعر على وجه الخصوص الذي أبدع في ظل الحضارة الإسلامية جاء معظمه إبداعا إسلاميا عاليا " يقرب ما بين الإنسان والإنسان ، ويدعو إلى الفضائل والمثل العليا ، ويحبب الإنسان في الحياة ، ويقربه من أهدافه وغاياته ، ويجسد له الطريق المضيء نحو الخير

 

وما سبق يؤكدا أن مجالات الأدب الإسلامي الحية الخصيبة التي يمكن للأديب المسلم أن يتخذ منها موضوعات لأدبه وفنه المبدع المبتكر ، تتمثل في هذه الثلاثية :

الكون

يمكن للأديب المسلم أن يتحدث عن الكون ، عن الطبيعة ، بما فيها من أرض وسماء ، وكواكب وأجرام ، وبحار وأنهار ، وجبال ووهاد ، وسهولوقفار ، وظل وحرور ، وليل ونهار ، فبإمكان الأديب المسلم فيما يرى الدكتور الشنطي ) - أن يصف هذه المخلوقات الكونية من خلال تفاعله مع أجزائها المختلفة إيجابا أو سلبأ وفقا لحالته النفسية دون أن يتجاوز الحدود المرسومة في التصور الإسلامي

الإنسان

ويمكن للأديب أن يتحدث عن الإنسان بوصفه خليفة الله في الأرض ، ويتحدث عنه وهو  يحب الله ورسوله ، ويحب القيم والمبادئ العليا ، ويحب أبطال أمته من رجالاتها الصناديد ، ويحب والديه وأسرته ، وأهله وعشيرته الأقربين والأبعدين ، والناس والبشر أجمعين ، ويحب لهم من الخير ما يحب لنفسه

لا يمنع من تصوير الأديب المسلم البشر في مختلف أوضاعهم بشرط ألا ينتهي هذا التصوير إلى تمجيد السقوط وااغراء الأخرين بالرذيلة ، بل يكون الهدف في النهاية النفاذ إلى جوهر الوجود الإنساني وتفاعله مع واقعه ، من هنا كان لا بد من أن يعمد الأديب إلى تشكيل النماذج البشرية المختلفة في أوضاعها وحالاتها المتعددة من أجل الكشف عن طبيعة هذه النماذج وفهمها

الحياة

وهي من مجالات الأدب الرحبة الثرية التي يمكن للأديب المسلم أن يتخذ منها أرقى وأصدق تجارية ، فيهب البشرية أدية رفيعة سامية،فتصوير الحياة يرقى إلى مستوى شموليته ، من شأنه أنه يعالج أسرارها ومجاليها ، وينفذ إلى جوهر الوجود الإنساني ، بل إلى جوهر باقي المخلوقات الإلهية ،

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Newest Older

Related Posts

There is no other posts in this category.

Post a Comment

Subscribe Our Newsletter